Sunday 13 November 1988

الكرد الفيليون، قرنان من الإضطهاد

الكرد الفيليون، قرنان من الإضطهاد

بقلم: هوراز گرمياني            
الترجمة عن السويدية: أمجد شاكلي

يطلق إسم لرستان علي المنطقة الجنوبية من كردستان ايران، والتي تسكنها عدة قبائل كردية متوحدة ومتداخلة فيما بينها ضمن تحالفات مختلفة. تمتد لرستان من كرمنشاه شمالا وحتي ديزفول جنوبا. تقسّم السلسلة الجبلية المتواجدة فيها –والتي هي إمتداد لجبال زاگروس- المنطقة الی قسمين. پشتكو(ماوراء الجبل) و پيشكو(‌امام الجبل) وقد سميتا حسب موقعهما الجغرافي. كان للرستان سابقا مثل العديد من المناطق الاخري في كردستان نوعا من الاٍستقلال علی شكل إمارة تحت حكم والي او امير كردي. وكانت العلاقة بين القبائل الكردية اللرستانية والسلطة المركزية في طهران تتسم غالبا بروح النزاع والخصام الدائمين. لقد إنتفض سكان المنطقة مرات عديدة ضد الإدارة المركزية للمحافظة علي إستقلالهم. وقعت إحدي اكبر واشهر هذه الإنتفاضات في العصر الحديث في منطقة پيراندوند. إذ خاضت قبيلة ال(لك) في اواخر العشرينات من هذا القرن وتحت قيادة قائدتها (قدم خير) كفاحا من اٌجل الإستقلال دام ثلاث سنوات. كان غلام رضا خان، اخر والي للرستان اثناء حكم رضا شاه والد آخر شاه لإيران. تلقي غلام رضا خان اوامر من الشاه لكي يقضي علی الإنتفاضة بمساعدة الجيش الإيراني، لكن هذا الامير او الوالي الكردي رفض ان يساعد الحكومة المركزية ضد بني جلدته ومواطنيه. عندئذ ارسل الشاه قوات جديدة ضد غلام الذي اجبر ومؤيديه من ابناء شعبه علی التقهقر الی منطقة گرمسير(المنطقة الحارة) التي تقع في العراق الحالي. واصل ابناء غلام النضال ضد الحكومة. لكن الشحة في العتاد والذخيرة تسببت تدريجيا في إنتكاسة الحركة بشكل نهائي. حدثت مثل هذه الاٍنتفاضات في مناطق مختلفة من كردستان وقد اصبحت احدي الاسباب التي ادت الی إبرام الإتفاقية المسماة بإتفاقية سعداباد بين إيران والعراق وافغانستان وتركيا وذلك في اواسط الثلاثينات من هذا القرن. استهدفت الإتفاقية ضمن ما استهدفت خنق الحركة الكردية في ثلاثة من تلك البلدان. تنقسم القبائل في لرستان الی قسمين، اللرالكبير واللرالصغير. تعيش هذه القبائل بشكل رئيسي علی تربية المواشي والاغنام وإمكانية الحصول علی المراعي هي التي تحدد وتقرر تنقلهم كما هي الحالة عند القبائل والناس الاخرين الرّحل. تسكن هذه القبائل شتاء في گرمسير(المنطقة الحارة او الدافئة) او بالاحري في السهول والوديان وتنتقل في الصيف صوب الجبال الي ساردسير(المنطقة الباردة). لم تؤثر الحدود الدولية قط علي هؤلاء الرّحل. في العشرينات من هذا القرن رسمت وللمرة الاولی حدود واضحة بين إيران والعراق مما أدي الي عرقلة  تنقل القبائل وممارستهم لتقاليد الترحل. وهكذا إنشطرت قبائل اللر بين إيران والعراق. وقعت في الأجزاء الاخري من كردستان مثل هذه الأحداث حيث أجبرت وأضطرت  الجماعات والقبائل الرحل الی ترك مواقع سكناها تبعا للحدود الدولية الجديدة. إنتقل الناس الذين كانوا رحّلا في السابق –وفي كثير من الأحوال-  الی المدن. سبق وأن حدث مثل هذا التغيير قبل مائتي(200)سنة ولهذا السبب يوجد العنصرالكردي في مدن الكوت والعمارة وبدرة والزرباطية وعلي الشرقي وعلي الغربي وجلولاء وقزرباط وبغداد. أطلق علی هذه المجموعة الكبيرة من الكرد اللر الذين تم إسكانهم في المدن(تمدينهم) فيما بعد إسم الكردالفيليون. لعب الفيليون دورا كبيرا في الحياة الإقتصادية لمدينة بغداد. إذ كانت أسواق كثيرة تابعة كليا، لتجار كبار واصحاب رساميل كبار من الكرد الفيليين، وكان الالاف منهم يقومون بأعمال مختلفة في تلك الاسواق. إذ عمل الكثير منهم في المطاعم والفنادق وكباعة صغار و حمالين. كانت غالبية سكان محلات وحارات كثيرة في بغداد كردا فيليين. فعلی سبيل المثال باب الشيخ وعگدالأكراد وقنبر علي. لهذا السبب وليست مصادفة، يحدث أن يقول الأكراد علي سبيل المزاح: ماهي أكبر مدن كردستان؟ - بغداد. لعب الفيليون أيضا دورا كبيرا في الحركة التحررية الكردية والحياة السياسية. فكانت مدينة بغداد ومنذ العشرينات من هذا القرن مركزا هاما للحياة الثقافية والسياسية للكرد. إذ أكمل الالاف من الشباب الكرد دراساتهم في جامعة بغداد وصدرت أكبر الصحف والمجلات الكردية في بغداد. كان الكرد الفيليون عونا وسندا كبيرا وذو أهمية بالغة للحركة التحررية الكردية و منحوا كذلك دعما ماليا هاما للمنظمات الكردية بالإضافة الي مشاركتهم الفعالة في العمل السياسي. إتخذت الحكومات العراقية دوما موقفا عدائيا تجاه الكرد الفيليين وحاولت عرقلتهم ومنعهم من المشاركة في الحياة الإقتصادية. فقد تعرضوا للملاحقة والسجن والإعدامات وحاولت الحكومة العراقية وبشتي الوسائل والأساليب إبعادهم عن بغداد والعراق. إذ أوجدوا لذلك الذرائع والحجج فقالوا انهم(أي الكرد الفيليين) ينحدرون من إيران ولذلك يجب أن ينتقلوا إليها –بعد أن سكنوا مائتا سنة أو أكثر في العراق- وادعت الحكومات العراقية انهم(أي الكرد الفيليين) عملوا كمرتزقة وعملاء لسلطة أو دولة أجنبية وحاولوا القيام بعمليات التخريب في العراق. لكن الحقيقة هي انهم كرد ويشاركون في الحركة الكردية بفعالية ونشاط. كان موقف إيران من الكرد الفيليين كما ذكرنا سابقا سلبيا أيضا. فقد حاولت وبمختلف الوسائل والطرق خنق القبائل الكردية والقضاء عليها وقمع الأمراء والحكام المستقلين في لرستان. فحاولت إيران من ناحيتها أيضا صهرهم وادعت انهم في الحقيقة فرس أو إيرانيون. إدعت الأنظمة العراقية وبنفس الطريقة أن الكرد الفيليين ليسوا كردا وان لهجتهم ليست لهجة تابعة للغة الكردية. ومن عجائب الأمور وغرائبها أن بعضا من المستشرقين قبلوا بهذه التلفيقات والإدعائات الشوفينية والعنصرية من الأنظمة الإيرانية والعراقية. لقد بذلت محاولات مشابهة أيضا بالنسبة للكرد الزازا في تركيا والكرد الهورامانيون في العراق. الغالبية العظمی من المؤرخين ومن ضمنهم المؤرخين الكرد إعتبروا دائما قبائل لرستان قبائل كردية. يذكر شرف خان بدليسي(1543-1604) في كتابه التأريخي الشهير(شرفنامه) الخاص بتأريخ الشعب الكردي والمكتوب سنة 1598، أن لرستان جزء من الشعب الكردي. كتب البدليسي هذا في زمن لم تكن توجد فيه أقل البواعث والدوافع القومية لإتخاذ مثل هذه النظرة. بعد 1968 حاول النظم البعثي في العراق وبأساليب مختلفة تفتيت وتشتيت الكرد الفيليين وإضعاف دورهم وتأثيرهم السياسي والإقتصادي في بغداد. ففي سنة 1969 قام النظام البعثي بإبعاد مائتا عائلة من بغداد إلی إيران. بدأت الحملة الثانية ضد الكرد الفيليين سنة 1971 وإستمرت إلی نهاية 1972. تم خلال تلك الفترة توقيع إتفاقية سلام بين العراق والحركة الكردية. تلك الإتفاقية التي كان من المفروض أن تتحقق وتنفذ خلال أربع سنوات. نقضت خلال الحملة الكثير من وعود الإتفاقية التي وعد بها الكرد وذلك بتحسين أوضاعهم والتي كانت الإتفاقية تحويها. وكان الغرض من الحملة واضحا كل الوضوح أيضا. إذ إستهدفت إستفزاز وإغاضة وإضعاف الحركة الكردية. كان الحزب الديموقراطي الكردستاني في العراق مجازا خلال سنوات 1970-1974، وكانت بغداد مركزا هاما للحركة الكردية، فكانت تصدر هناك وعلي سبيل المثال صحيفة الحزب الديمقراطي الكردستاني اليومية وكان هناك المجمع العلمي الكردي وكذلك قسم كردي في جامعة بغداد وكما ذكرنا سابقا الالاف من الطلبة الكرد أيضا. كما كان في بغداد مركز إتحاد الأدبا ٍ الكرد ومركز ثقافي أيضا. كان للكرد الفيليين خلال الفترة مراكز ومواقع هامة في مختلف المنظمات الكردية. إذ كان رؤساء إتحاد طلبة كردستان وإتحاد شبيبة كردستان وإتحاد نساء كردستان وكذلك السكرتير العام في الحزب الديمقراطي الكردستاني من الكرد الفيليين. في تلك الفترة وتلك الظروف بدأ النظام البعثي بحملات واسعة النطاق لتهجير وتبعيد الكرد الفيليين. إذ أجبر وبمختلف الوسائل حوالي 200000-300000 كردي فيلي الی ترك مدن بغداد والزرباطية والكوت والعمارة وبدرة وعلي الشرقي وعلي الغربي. أعطيت لقسم من هؤلاء مهلة أسبوع واحد كي يقوموا ببيع وتصفية ممتلكاتهم وثرواتهم والاخرون ركّبوا الناقلات العسكرية و سيقوا وسفّروا إلی الحدود الإيرانية وأثناء عبورهم الحدود أطلق عليهم الرصاص وذلك لتخويفهم وإرعابهم. بدأت أصعب وأعنف الحملات ضد الكرد الفيليين في 6 نيسان(أپريل) 1980 ولازالت حملات الملاحقة مستمرة حتي وقتنا الحاضر. وتعرض للتهجير حوالي 300000 شخص. إستخدم النظام البعثي في كثير من الأحوال وأثناء حملات التبعيد والتهجير هذه أقسي الوسائل والطرق وأكثرها لاإنسانية. إذ كان الجنود العراقيون يقومون بتطويق ومحاصرة محلات وحارات سكنية كاملة ويجبرون سكانها علی أن يتبعوهم فورا الی الأماكن المحددة والمقررة التي تنتهي بها الرحلة ألي الطية. ثم فصل أعضاء العائلة الواحدة عن بعضها في آلاف الحالات وفي أغلب الأحيان لم يستطع الذين شملهم التسفير والتبعيد أن يأخذوا معهم حتي أكثر الأشياء والحاجات ضرورة. وحدث في كثير من الأحيان أن المرضی والعجزة الذين لم يتمكنوا من الإلتحاق بعملية النقل، تركوا بدون معالجة أو رعاية بالرغم من إحتجاجات الأهل والاقارب.                                                                                                        
قضية بدران:
 كان بدران تاجرا فعالا خلال عدة سنوات في بغداد. إنه الان في العقد السادس من عمره ويسكن في السويد منذ 1928. ما يرويه بدران يتفق مع ما يرويه الآلاف الاخرون من الكرد الفيليين. التهجير، تفتيت وتفريق وإبعاد  أفراد العائلة عن بعضها وأقربا ٍ مفقودين أو مسجونين. كانت عائلة بدران ضمن الوجبة الأولی التي تم تهجيرها أثناء الحملة التي بدأت في نيسان(أپريل) 1980. إنه يقول: كنت أعمل في مكتبي متأخرا بعد الظهر عندما دخل علي فجأة شخصان بدی لي واضحا من ملامحهما ومظاهرهما أنهما من المخابرات. أمروني علی أن أتبعهم وأذهب معهم الی إجتماع للتجار التابعين لغرفة تجارة بغداد. إذ قالوا أن الوزير يريد أن يلتقي بنا نحن التجار. حاولت إقناعهم أنه يجب أن أذهب الی البيت اولا. لكنهم أجبروني علي صعود سيارتهم. سارت السيارة بنا حوالي الساعة فعرفت للحال أننا لسنا في طريقنا الی غرفة التجارة. وصلنا بعد حين الی مبني كبير، إذ كان هناك قبلي المئات من الكرد الفيليين الذين كان واضحا أنهم أقتيدوا وجلبوا بنفس الطريقة.  إذ كانت تؤتي وبإستمرار بمجموعات ووجبات جديدة. أركبونا الناقلات العسكرية في منتصف الليل. في كل ناقلة 20-30 شخص. طلبنا منهم ورجوناهم أن: لله، لوجه الله مادمتم تسفروننا و تبعدوننا، إسمحوا لعوائلنا علی الأقل الإلتحاق بنا. ولكن عبثا، إذ كان الجواب فقط يجب أن تذهبوا أولا وستأتي العوائل فيما بعد. بعد أربعة أسابيع تمكنت من أن ألتقي بعائلتي في إيران. إذ أخبروني بأنهم لم يعلموا بما حدث لي. إذ تصوروا واعتقدوا أنني مسجون ولكنهم لم يتجرأوا علی الإستفسار ومتابعة المسألة لدي السلطات. إذ بعد أسبوع واحد من تسفيري رنّ جرس الباب الخارجي لبيتنا وقبل أن يلحق أحد أبنائي بفتح الباب، كان قد دخل حديقة المنزل 8-9 جنود وأمروا كل أفراد العائلة أن يرفعوا أيديهم عاليا ويغادروا المنزل. بدأت زوجتي وبناتي بالبكاء، لكن الجنود أسكتوهن. بكين لأنهن علمن بمسألة التسفير وتوسلن الی الجنود أن يسمح لهن بأخذ الأشياء الأكثر ضرورية معهم. لكن الجنود لم يعطوهم أية مهلة بل علی العكس قالوا لهم بأن يركبوا الشاحنات والناقلات التي كانت تنتظر أمام المنزل. إذ تم تسفيرهم وتبعيدهم إلی الحدود الإيرانية مع الاف العوائل الأخري. لقد صادروا واستولوا علی كل ممتلكاتنا. يصعب علي بدران أن يعيد رواية هذه الأحداث المأساوية. إنه يعرف أن الالاف من العوائل أصيبت بنفس هذه الطريقة وأن أحد أبنائه أعتقل وأدخل السجن، وأخذ كرهينة وأسير. وعدم معرفته بمصير إبنه يعذبه و يؤلمه كثيرا. إنه يقول: كان إبني في الخدمة العسكرية. بعد تسفير العائلة عاد الی البيت في إجازة، إذ وجد البيت خاليا ومقفلا. قبل أن يرجع الی الشارع ألقي القبض عليه. أعتقل أكثر من 10000 من شبابنا واودعوا السجون كرهائن وبنفس الطريقة. لقد أكمل أكثرهم الدراسات. فمنهم الأطباٍء والإقتصاديين والمهندسين والمدرسين والمهندسين الزراعيين أو طلاب، وكان إبني إقتصاديا. وقع الكرد الفيليين في حالة ووضعية في غاية الصعوبة في إيران. إذ أقام معظمهم في معسكرات اللاجئين الكبری البعيدة جدا عن المناطق الكردية. وسكن البعض منهم في المدن الكبري كإيلام وكرمنشاه وطهران. واستطاعوا أن يعيّشوا أنفسهم بشكل ما. تحاول إيران أيضا إستغلالهم وخاصة الشباب منهم. وذلك بتجنيدهم وإرسالهم إلی جبهات القتال.                                                                                                                
عدم الحصول علی المساعدة لإعادة التوحيد:
بعد حوالي سنة ونصف من المكوث والإقامة في إيران، غادر بدران وكل أفراد عائلته إيران متوجهين إلی تركيا مشيا علی الأقدام. هناك أي في تركيا تمكن من الحصول علی جواز سفر وتذاكر السفر وإستطاع بالتدريج أن يدخل السويد كلاجئ. في السويد مثله كمثل العديد من الكرد الآخرين، واصل بدران نضاله من أجل القضية الكردية. المسألة الملحة والمهمة جدا بالنسبة لبدران، هي أن يطلق سراح إبنه أو أن يعرف علی الأقل شيئا عن مصيره. كان بدران ولايزال في علاقة مستديمة مع مختلف المنظمات والهيئات العالمية والإنسانية، لكي يحصل علی المساعدة منهم، لكنه يعتقد بأنه لم يلق أي تفهم أو إستجابة أو وعود لقضيته من أية جهة. إنه يساوره الشك وبقوة من مقدرة ورغبة هذه المنظمات في مساعدة الكرد. إذ يقول: حاولت جاهدا وبكل الوسائل أن أحصل علی العون للعثور علی إبني، ولكن عبثا بدون جدوي. من الذي يرغب في أن يصغي لنا نحن الكرد؟ المسألة الكردية هي موضع معاكسات ومنازعات للعديد من الدول الغنية والقوية. يحصل بلد دكتاتوري كالعراق –الذي فاق وتفوق علی جنوب أفريقيا وألمانيا النازية في اللاإنسانية والقساوة- ولايزال يحصل علی الدعم والمساعدة من الشرق والغرب معا وذلك لأن لهم المصالح الإقتصادية الكبري هناك. ولأن للعراق منابع نفطية كبيرة. كل الشعارات عن التضامن والأخوة والإنسانية، عبارة عن جمل فارغة وإدعائات لا معنی لها. دعني أقدم مثلا: "إتصلت بمنظمة العفو الدولية والصليب الأحمر ومنظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في السويد ومكتبهم في جنيف، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ لاأزال حتي اليوم لا أعرف شيئا عما حدث لإبني. أما كيف تعامل القضية فإن ذلك يتضح في رسالة منظمة العفو الدولية(المنشورة أدناه) حيث يتبين ويتضح أنهم وبالتعمد والقصد وقعوا في عدة أخطاء حول القضية. إذ يحاولون الربط بين القضية الكردية والحرب الإيرانية-العراقية، بالرغم من أن الكل يعرف أن القضية الكردية أقدم كثيرا من تلك الحرب تأريخيا. بدأت الحرب في أيلول(سپتمبر)1980،ولكن تم تسفيرنا وتبعيدنا وأخذ إبننا كأسير أو رهينة منذ نيسان(أپريل)1980. تحاول منظمة العفو الدولية، التجنب والتهرب، من تحمل المسؤولية وذلك عندما نقول بأن إبني أسير حرب وعليه ينبغي عرض القضية علی الصليب الأحمر. لكن الصليب الأحمر تعرف أن هذه ليست صحيحة. وأخيرا فإنه مفجع ومدعاة للسخرية في نفس الوقت، أن تنصحنا وترشدنا منظمة العفو الدولية أن نلتمس من السلطات العراقية. إذا كان ثمة من يعرف كيف تعمل السلطات العراقية، فإن منظمة العفو الدولية نفسها هي الأدري والأعرف بذلك. إذ توجد لديهم قوائم بأسماء المئات من الذين أعدموا من الكرد. وتعرف منظمة العفو الدولية أن النظام العراقي وفي فترات مختلفة أقدم علی إعدام حوالي 400 طفل، وتعرف المنظمة أيضا أنه إذا حاول أحد الإستفسار حول وضعية ذويه وأهله وأقربائه في السجون العراقية فإنه سيعدم. إن نصيحة منظمة العفو الدولية هي بنفس الغبا ٍ واللامعقولية، كما لو قيل لليهود أن يلتمسوا إلی السلطات النازية بصدد ذويهم وأقربائهم الذين كانوا قابعين في معسكرات الإعتقال. كما إتصلت ببقية المنظمات الأخری والأحزاب السياسية، ولكن ردود فعلها لم تكن أكثر  مشجعة. وكذلك طرحت قضيتي قبل سنتين علی ممثلين للأحزاب الخمسة الأعضا ٍ في الپرلمان السويدي، ولكن لحد الان لم أحصل علي أي جواب". بالرغم من العراقيل والصعوبات وكل أنواع المرارة، فان بدران لم يفقد الأمل وأمنيته الوحيدة كأب، أن يلتقي من جديد بإبنه. يشارك الآلاف من الآباء الكرد والذين يعيشون في نفس حالة بدران هذه الأمنية. "إنني أعلم أنه لا الشرق ولا الغرب ولا الدول الديمقراطية ولا غير الديمقراطية  تعمل شيئا من أجلنا. إن أملي وسندي الوحيد هو پيشمرگة كوردستان. فعندما تتحرر كردستان ستصبح بلدا ثريا. بلدا يوجد فيها أكبر منابع النفط في الشرق الأوسط. وعندما نكون نحن أصحاب ومالكي نفطنا، نعم عند ذاك سيكون لنا أصدقا ء كثيرون".                                                                                  
                                                                                
رسالة منظمة العفو الدولية
منظمة العفو الدولية
فرع السويد/صندوق الدعم السويدي
15/3/1983
السيد.....
الشارع.......
السيد الفاضل.....
عن طريق...في...تيسر لنا أن نتعرف علی الهموم، التي تعانونها من أجل إبنكم، الذي بات واضحا أنه مسجون في العراق منذ بداية الحرب. إن منظمة العفو الدولية، مع بالغ الأسف ليست لها الإمكانية لمساعدتكم، وأننا وبشكل عام يصعب علينا جدا أن نتصرف في الحالات الفردية، في البلدان التي تتواجد في الحرب. فأما ما يتعلق بأسري الحرب، فهو من واجبات الصليب الأحمر. وقد لا يعد المسجون بشكل مباشر أسير حرب. هل حاولتم مطالبة السلطات العراقية مباشرة  بصدد إبنكم؟ إذا كانت مصلحة الدولة بشؤون الهجرة السويدية تعطي لإبنكم حق الإقامة في السويد، فإنه من الممكن أن توجد هناك فرصة له بأن يغادر العراق. أنا أعلم بأنكم قد جربتم كل شيء تقريبا. ولا أريد أن أبعث وأوقظ فيكم بعض الامال. كما وضحت قبلا بأننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء. توجد وبالتأكيد دوافع وأسباب إنسانية قوية –فقد علمت أن زوجتكم مريضة- والتماس ومطالبة كل أفراد عائلتكم من السلطات العراقية لا تسبب مع ذلك إحراجا لإبنكم. مع عميق تفهمي لحزنكم وقلقكم ومع أملي رغم ذلك بأن عائلتكم ستجتمع عاجلا مرة ثانية. تحيات الصداقة.                                           

منظمة العفوالدولية
بريتا گروندين
السكرتارية

# نشرت هذه المقالة باللغة السويدية في مجلة Svensk-Kurdisk Journal العدد11-12، 1987-1988، التي تصدر عن "جمعية السويد-كردستان الثقافية" في السويد و ترجمت الي العربية في نوفمبر 1988(المترجم).


No comments:

Post a Comment